من نفسي

بكسر النون

الاسم:
الموقع: الدقهلية- القاهرة, Egypt

الخميس، يناير 18، 2007

الطب والجوافة.. من أول سطر

الطب والجوافة.. من أول سطر


لسنا جماعة أدبية ولا سياسية ولا حتى تنظيم يؤيد أكل الملوخية! كل ماهنالك أننا شلة أصحاب بنحب نكتب.. بس والله.. ستجد فينا من يحب كتابة الشعر وآخر يكتب المقال وثالث يكتب القصة وفيه اللي بيعمل كل الحاجات دي في وقت واحد!.. ولما كانت العين بصيرة واليد قصيرة ولما كان الحلم بأن يرى كل واحد فينا اسمه مطبوعا على كتاب يقرأه الناس ويتصدر قائمة الأعلى مبيعا اللي هي مش موجودة أصلا! كان القرار.. نحن خمسة.. أحمد عمار.. بستاني نعمان.. حسام مصطفى.. دعاء سمير... محمد هشام عبيه "اللي هو أنا!".. الاسم الكودي للعملية - للسلسلة يعني-..أول سطر.. والخطة أن نصدر في البداية خمسة كتب وإن شاء الله بعد كده تزيد أكثر وأكثر.. الأولة كانت لـ.. د.بستاني وهذا هو غلاف كتابه..

غلاف د.بستاني


والثانية كانت لي وهذا هو غلاف الكتاب


الإنسان أصله جوافة


والثالثة والرابعة والخامسة..تباعا إن شاء الله
الكتابان بإذن الله يصدران عن دار ليلى وسيتوفران في جناح الدار بمعرض الكتاب والذي سيكون - الجناح مش المعرض- في سراي 4 الدور الثاني..
دعواتكم


الاثنين، يناير 15، 2007

رجل بلا استبن

رجل بلا استبن


كان صباحا شتويا كئيبا مشرقا!ولذا كان لابد وأن تكون العجلة اليسرى الأمامية نائمة في سابع نومه ... "عادي مش أنا اللي اتشاءم من الحاجات دي ع الصبح" ، وكأي مواطن صالح أفتح الشنطة حتى أحضر العجلة الأستبن.. طيب هي فين العجلة؟!.. كل من يرى أي عربية 128 سائرة في شوارع المحروسة -وما أكثرها- يدرك أن شنطتها صغيرة جدا مش كهف بلا نهاية يعني.. طيب راحت فين العجلة.. يمين شمال.. أقلب كل ما في الشنطة رأسا على عقب ولا فائدة لأكتشف الحقيقة المرة .."أنا اتسرقت"!

***

وعامل محطة البنزين يرتق الثقب الموجود في العجلة التي كانت نائمة أقول له محاولا أن أداري فضيحة إني "اتجلبت": ماتعرفش العجلة الجديدة بكام أصلي شاري العربية جديد ومافيهاش استبن!
رد بكل هدوء وهو يواصل عمله: قصدك الاستبن بتاعها اتسرق! عادي.. اصل الـ128 كده دايما سهل أي واحد يفتح شنطتها... أه بتسأل على العجلة الجديدة..لا والله ما أعرفش!

***

وأنا في طريقي للعمل كنت أشعر بضيق فعلا ليس لأن العجلة اتسرقت ولكن لدلالة ما حدث.. وهو أني غير آمن.. وأني لا أملك أي ضمان بعدم تكرار هذا الأمر أو تطوره لما هو أكبر "يعني المرة الجاية ممكن يسرقوا العربية ويسيبوا لي الاستبن!"..عمار يامصر بصراحة..فالح بس حبيب العادلي يمسك في بتوع الإخوان ويسيب الناس تتسرق وهي نايمة في بيوتها.. أفكر في تغيير إيقاع هذا اليوم الكئيب... نلعب كورة.. كويس.. نتفق مع الشباب.. وأهي الكورة جاهزة دايما في شنطة العربية.. كورة! ..شنطة!.. يانهار أبيض.. ده الحرامي سرق الكورة مع الاستبن!

***

كنت أسمع "علي الحجار" وهو يغني "يمامة" في شريطه الأخير الذي لاعلاقة له بـ"علي الحجار" الأصلي لكنه على كل الأحوال أعاده إلى الحياة من جديد، عندما اقتربت بسيارتي من كمين شرطة عزيز يقع في منتصف الطريق الدائري الواصل بين مصر الجديدة وشبرا.. هدأت السرعة كما فعل كل من كانوا بالجوار ثم تجاوزنا الكمين وعندما بدأت في زيادة السرعة من جديد توقفت السيارة التي في أمامي فجأة بعدما قطعت الطريق من أمامها سيارة ثالثة بلا أي سبب منطقي.. أضغط على الفرامل بقوة فتستجيب السيارة العزيزة كأي سيارة بنت حلال وتقف قبل الاصطدام بالأخ الذي أمامي بسنتيمترات ..فات جزء من الثانية شعرت فيه بالراحة قبل أن يأتي الفزع من الخلف .. "كراش"!.. إذا كانت السيارة التي بخلفي هي ميكروباص تويوتا ياباني أصلي جديدة فالأكيد أن فراملها حديد.. وهو مايعني أن الواد الـ"........" اللي سايقها ده هو اللي ولامؤاخذة بقى! .. يصمت "على الحجار" بعد أن خرج الكاسيت من مكانه من شدة الخبطة.. وأفتح أنا الباب في عنف والنار التي بداخلي كفيلة بحرق الكرة الأرضية كلها ثم أقول للسائق اللامواخذة الذي نزل هو الآخر من سيارته "إيه يابا.. حرام كده والله .. ده تاني مرة العربية تتخبط في أقل من خمس شهور!".. يعتذر السائق ويتعلل بأن" الراجل اللي قدامك هو اللي وقف فجأة يا أستاذ وبعدين جري".. ثم يظهر شخص ثالث عرفت بعد ذلك أنه سائق سيارة ثالثة اصطدم هو الآخر بالميكروباص من الخلف.. أتركهم يتعاركان معا وأنا أنظر في أسى إلى الجانب الأيمن الخلفي من السيارة وقد تهشم وراح لونه الأحمر وقد انبعجت الشنطة ولا أجدع لوحة سيريالية للمرحوم سلفادور دالي وتزيد الحمم بداخلي عندما أجد السيارة الميكروباص بلا خدش واحد!
ثم يظهر أمين شرطة من اللامكان وهو يقول "رخصك يا أستاذ عشان نعمل محضر"..فأسترجع كل الذكريات الطيبة المعروفة عن رجال الشرطة وعن روتين المحاضر الذي سيضيع من عمري آلاف الساعات دون أن أنال حقا أو باطلا.. فأقول له "معلش اعفيني المرة دي.. هأمشي أنا وربنا يعوض علي" فيوافق مشكورا في سرعة لا أعرف لها سببا حتى الآن.. أركب السيارة من جديد وأنا أفكر فيما حدث وفي الاستبن المسروق منذ خمسة أيام فقط فأصرخ.. "هو ليه بيحصل لي كده؟!"

***
بس اللي هيجنني أن الحرامي سرق الكورة مع العجلة.. طيب العجلة وهيبيعها.. الكورة هيعمل بيها إيه؟!

السبت، يناير 06، 2007

الإسكندرية.. يناير.. النوة

الإسكندرية.. يناير.. النوة


وروح المرء تبدو كسيارة تعطل موتورها وتحتاج إلى زقة.. كان القرار بالفرار.. وإذا لم تكن إسكندرية هي الملاذ في هذا الوقت فمن تكون إذن؟
أعد العدة منذ مساء يوم الرحلة.. قميص وبلوفر من الصوف ..الجاكيت الجلد و"واحة الغروب" للرقراق "بهاء طاهر" أقول لنفسي "إذا لم انته من هذه الرواية الخلابة اليوم لن افعلها بعد ذلك أبدا".. اضبط المنبه على الثامنة والنصف فأصحو من البرودة في العاشرة والنصف! لا وقت أمامي حتى أؤنب نفسي على ضياع ساعتين في النوم كان يمكن أن أكون فيهما في الإسكندرية.. يمكن أن أفعل ذلك في يوم آخر.. ألقي نظرة على الموبايل فألمح "رسالة جديدة".. في سرعة أفتحها أجدها قادمة من صديقة إسكندرانية عزيزة "فكر..النوة بدأت النهاردة!".. نوة ..عوة.. بوة.. جايلك يا إسكندرية!
وقبل الثانية عشرة ظهرا بربع ساعة كنت ممسكا بتذكرة القطار الأسباني في فرحة شديدة- بخمسة وعشرين جنيها بالمناسبة!- وبعد منتصف النهار بدقيقة تحرك القطار وأخرجت "واحة الغروب" من جيب الجاكيت- أصله واسع شوية الجيب مش الجاكيت!- وأنا مندمج مع محاولات المأمور محمود وزوجته كاثرين- أبطال الرواية- في اكتشاف سر الواحة وأسرار حياتهما الغامضة، خفت ضوء الشمس المتسلسل عبر زجاج النافذة فجأة.. أنظر إلى السماء فأرى السحب الرمادية ضخمة وكثيفة وقريبة وشريرة بشكل لم أره من قبل..أشعر بالخوف والانقباض.. ثم تمطر بكثافة شديدة.. ألمح البيوت والغيطان والطرقات وقد تدثرت جميعها بلمعان وبلل.. "طيب ده إحنا لسه على حدود القاهرة..أمال إسكندرية هتبقى إيه بقى؟!".. يخفض القطار من سرعته.. ويزداد معدل اكتئابي.. إلا أن السماء تكون- كعادتها- حانية.. إذ تتوقف عن المطر.. وتدريجيا تذهب السحب الرمادية الشريرة.. ومن قلب خضار الغيطان ألمح أبوقردان بلونه الأبيض المميز وهو ينفض عن نفسه قطرات الماء.. وعلى عربية كارو تجلس سيدة مصرية أصيلة بجوار زوجها فيما يبدو ينظمان الخضروات التي سيذهبان بها إلى السوق على الأرجح.. يزيد القطار من سرعته.. وتبدأ الشمس في الظهور بخجل فتاة عذراء.. ثم يتجلي هو في مشهد رباني بديع لم أره منذ سنوات.. قوس قزح بألوانه السبعة .. تخرج مني آهه الاندهاش وأنا أهتف سبحان الله.. مرحبا بالحياة التي تدب من جديد في عروق الأرض.. ويسرع الأسباني أكثر.. وفي تمام الثانية والنصف كنت أتنسم هواء الإسكندرية- كمحكوم عليه بالإعدام نال صك البراءة قبل أن يجذبوا الذراع لأسفل بثوان- غير مصدق أني فعلت ذلك بعد تأخر طال لخمس سنوات.. أذهب مباشرة إلى "محطة الرمل" ومنها إلى مسجد المينا الشرقية حتى أصلى.. أشعر براحة وطمأنينة لم أمر بهما منذ فترة.. أدعو الله بما يسره علي من كلمات.. وأخرج في فرحة مستقبلا هواء إسكندرية البارد الذي يحل في القلب دافئا.. ساندويتشات الفول والطعمية الساحرة المختومة بعلامة "محمد أحمد" المسجلة.. أجلس قبالة البحر وخلفي يطل تمثال سعد زغلول ناظرا للأمام متطلعا لأوروبا الساكنة على الجانب الآخر من المتوسط.. أعبر الطريق وأسير موازيا للبحر وأنا أتطلع إلى أمواجه الثائرة التي تصطدم بصخور الكورنيش ناثرة على السائرين القلائل رذاذا ينعش الروح.. أنظر إلى قلعة "قايتباي" الساكنة في مكانها على طرف الثغر منذ مئات السنين فاستشعر فيها شموخا وعزة لا يعرفهما جيلنا المنكوب.. أتأمل روائع المعمار في البيوت المطلة على البحر وأرى المحبين يدفئون مشاعرهما بكوز بطاطا ساخن.. وابتسم عندما أشاهد بائع الذرة مصرا على أن يقوم هو بالشي بدلا من زوجته التي تتوارى إلى الخلف قليلا حتى يلتقط أحد السياح صورة لصديقه وهو يأخذ من البائع كوز الذرة المشوي.. جاءت الساعة الخامسة في سرعة.. في المكان المتفق أقابل الصديقة السكندرية "ايوة بتاعة رسالة الموبايل!" وأنا أداعب طفلها الجميل أقول لها "هي فين النوة دي؟!".. تبتسم "إمبارح والله الشبابيك كانت هتتخلع من الهواء والمطر .. بس الظاهر خافت منك!"..أتمتم "لاخوف ولاحاجة ده هي بس إسكندرية اللي طول عمرها كريمة وماتزعلش حد جاي يزورها حتى لو كان ده في شهر يناير".. وفي "الشيخ وفيق" بـ"بحري" احتسى طبق البليلة الدافئ اللذيذ "هي اللي عزمتني عليه والله!".. نثرثر في الحياة والناس والوطن.. وفي طريق العودة إلى محطة القطار.. أتأمل الشوارع الهادئة النظيفة رغم المطر.. وأنا جالس على الكرسي رقم 59 في العربة رقم 6 في القطار رقم 923 العائد إلى القاهرة انتبه إلى أني لم أزر الإسكندرية منذ خمس سنوات ولما جئتها اليوم قضيت فيها خمس ساعات فحسب.. " ساعة براح واحدة تغسل هموم سنة كاملة" .. شكرا يا إسكندرية.. وكل محبتي ليناير الذي كان رحيما وبالنوة التي خاصمتني ولم تأت.