من نفسي

بكسر النون

الاسم:
الموقع: الدقهلية- القاهرة, Egypt

الاثنين، يوليو 23، 2007

آخر أيام الزيتون

آخر أيام الزيتون


هذه هي أيامي الأخيرة التي أقضيها في شقتي الصغيرة في حي الزيتون.. منذ 31 شهرا بالضبط لم أكن أعرف كيف أذهب إلى الزيتون حتى أني- وقد كنت الوافد حديثا إلى القاهرة وقتها- كنت مندهشا من اسم هذا الحي الذي كلما نطقت باسمه فيما بعد عاجلني أحد الظرفاء بهذا القول السخيف المعتاد "والزيتون بقى أسود ولا أخضر!".
هنا في هذه الحارة الضيقة .. حارة الشيمي ..في ذلك المنزل العجوز الذي يحمل على جدرانه رقم 3..كنت اسكن.. بالقرب من محطتي مترو للانفاق وعلى بعد 150 متر تقريبا من محطة ثالثة لترام الخديو إسماعيل العجوز الأصيل الجميل الرقيق رغم كل هذا الصخب الذي يثيره لما يتحرك.. لايفصلني عن مصر الجديدة بكل شوارعها الرحبة ومعمارها الخلاب وبناتها الحلوة سوى عشر دقائق فقط بالسيارة تزيد إلى 20 لو كنت من هواة المشي- في ليلة شتوية فريدة قطعت المسافة من عملى في شارع الأهرام بمصر الجديدة حيث أسكن في نصف ساعة.. روعة ما حدث تكمن أنه طوال الثلاثين دقيقة لم تنقطع السماء للحظة عن المطر- .. في الزيتون حيث شارع المعز بالله الذي كان لفترة قريبة أشبه بمنطقة مغلقة على الإسلاميين أصحاب اللحى الطويلة والمنتقبات الذين لايبيعون سوى الجلباب الخليجي والعباءة والإسدال الخليجيين برضه بالإضافة إلى السواك والمسك والعنبر.. و كنيسة السيدة العذراء - التي لاتبعد عن ذلك الشارع سوى أمتار قليلة- والتي تعد أضخم وأقدم ما رأيت من كنائس وأكثرها إثارة للرهبة.. مطعم العائلات الساكن في قلب الميدان والذي يقدم أشهى ساندويتشات الفول والطعمية.. مدرسة أنصاف سرى للبنات التي كانت تدفعني للاستيقاظ مبكرا حتى استعيد روح المراهقة من جديد متجسدا في بنت شقية ترتدي المريلة الكحلي.. مدرسة سينا سكول الملاصقة لشقتي الصغيرة والتي كان طلابها يتقمصون دور المنبه المزعج اللطيف عندما يرددون كل صباح "تحيا جمهورية مصر العربية".. مسجد الحداد الذي تفضل بافتتاحه "ملكنا فاروق المفدى".. الفيلات المتناثرة- كآخر روائح الماضي - على جانب الشارع مستكينة في حضن الأشجار وكأنها تحتمي بها من العمارات الضخمة القبيحة التي تحيط بها من كل جانب.. وحتى تلك المقاهي التي اعتاد أصحابها أن يسدلوا الستائر عليها ليخفوا زائريهم الذين يشربون الشاي والقهوة وما تيسر من السجائر والشيشة في نهار رمضان.. و"علي" ذلك الحرامي اللزج الذي "استعبطني" في 100 جنيها ثمنا لوصلة الدش التي اتفقت عليها معه منذ أكثر من عامين ولازلت انتظره طارقا للباب من يومها ولم يأت طبعا.. وشقتي المفروشة الصغيرة.. هذه الثلاجة الإيديال ذات الموتور الذي يذكرني صوتها بصوت جرارات حرث الأرض! .. وتلك المروحة التي يبدو أنها كانت باكورة انتاج مصانع توشيبا العربي في أواخر الستينات.. هذا السرير العريض المتسع الذي كان كريما معي ومع كل اصدقائي الذين زاروني وجلسوا عليه فلم يسقط أو يتهالك رغم أن الملة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة.. ذلك الحمام الصغير الفقير ذو البلاط القديم الذي يذكرني بمنزل جدتي.. وذلك الشباك الذي يطل على هذه الخرابة التي زارني منها ذات يوم فأر ضخم لم يتحمل البقاء معي سوى ليلة واحدة.. هو نفس الشباك الذي ملت بنصف جسدي كله إلى خارجه من أجل أن أمسك بقطة رضيعة صغيرة تركتها أمها وسط هذا العراء.. وهي أيضا لم تتحملني سوى ثوان جرت بعدها إلى الشارع وكأنها تهرب من أكلة لحوم القطط.. وعم عبد الخالق ضابط الجيش السابق صاحب البيت وزوجته الطيبة العجوز الحنون التي كانت تحكي لي في كل مرة أقابلها فيها كيف حجت بيت الله وإحدى قدميها مكسورة..هييييه.. 31 شهر كتير برضه ياجدع.. شقة أصيلة.. وناس طيبة.. وشوارع فيها رائحة مصر الحقيقية وعمرها الذي يمتد لآلاف السنين.. الآن أترك كل هذا .. فاتحا أحضاني لصحراء مدينة العبور والتي لن تجد فيها- كباقي المدن الجديدة- شيئا من مصر سوى اسمها والناس الساكنين فيها.. وبداخلي خوف الأطفال وهم يفتحون الغرف المظلمة المغلقة.. فقط آمل أن يكون هناك من سيضئ النور لي.. وألا نلعب هناك "الأوضة الضلمة" كثيرا.

الثلاثاء، يوليو 17، 2007

في وصف ما يعرفها البعض بالإجازة

في وصف ما يعرفها البعض بالإجازة

بعض الأشياء لايمكن أن تعرف طعمها الحقيقي- حلو أو مر- إلا إذا تذوقتها فعلا.. مثل الحب.. الموت.. الآيس كريم.. والإجازات.. آه من الإجازات!

***

كانت الخطة تقوم على قضاء 8 أيام إجازة مقسمة كالتالي.. يومان لفرح أثنان من أعز الأصدقاء.. يوم لتجديد رخصة السيارة ونقل ملكيتها.. 4 أيام في رأس البر.. ويوم استراحة من كل هذا! لكن من قال أن خطط الإجازات تسير حسب أهواء البشر؟!

***

كاد أخي العزيز "باسم"- أبو حلا- أن يستلقي على ظهره من الضحك وأنا أقول له "عاوزين ننجز الرخصة في يوم"، حتى أني ظننت – من كثرة القهقه- أن أحدهم قد دس له حبوبا للهلوسة في طعام الأفطار!، ولما هدأ أوضح لي أننا ونحن نجدد الرخصة- لأ وإيه وننقل ملكية السيارة الـ128 العزيزة باسمي بدلا من التوكيل الذي أحمله- سنقتحم بيتا للرعب لانعرف كيف ولا متى سنخرج منه وسنكون في حاجة إلى أكبر قدر ممكن من الحذر وهدوء الأعصاب والتحكم في النفس على أن تكون جيوبنا مليئة بكل أنواع الفلوس "خمسات وعشرات وعشرينات وربنا يسهل ما يكونش فيه خمسينات وميات" .."لأيه ياعم باسم".."لزوم الرشوة.. أيوة رشوة فيه حاجة"؟!

***

البداية كانت في مرور المنصورة.. كنا في حاجة إلى ورقة تعرف باسم "براءة الذمة" –تلك المتعلقة بالمخالفات- منين يا أسيادنا.. من المحكمة القديمة.. طب نروح.. وفي المبنى العتيق الذي بقي شاهدا على أن الإنجليز مروا من هنا.. نسأل عن الشباك المخصص فنجد المشهد المعتاد.. أكوام من اللحم البشري متراصة فوق بعضها البعض..فجأة يصرخ أحدهم "اللي عاوز براء ذمة يجيب جنيه.. خدمة يعني!" فأعطياه مايريد..بعد دقائق تأتينا الورقة لنكتشف أنها بـ80 قرشا فقط "مش مشكلة..طب تيجي على 20 قرش" فأمسكها وأنا لا افهم ما الذي سأفعله بها وهي خالية بيضاء كقلب طفل رضيع.. يميل علي أحدهم- لازم تلاقيه في أي مصلحة حكومية-وهو يهمس.. اطلع بره.. هتلاقي "أم أحمد" قاعدة تحت شمسية هي هتتصرف.. ونذهب إليها.. كانت تجلس بالفعل على كرسي خشبي بالقرب من مدخل المحكمة الخلفي اسفل شمسية.. تمسك بالقلم الجاف وترتدي نظارة بسلسلة فيما بدا أنها لم تكن تملك وقتا لدرجة أنها جاءت إلى مكانها هذا وهي ترتدي "قميص البيت المزركش"!.. بعد أن انتهت من الشخص الذي أمامها تأخذ الورقة مني في ابتسامة لطيفة ثم تسألني عن بياناتي ومواصفات السيارة.. تسجلها ثم تطلب جنيها بكل أريحية.. أنظر إلى ما كتبت فأجده مجرد تفريغ لما أعرفه عن سيارتي العزيزة من معلومات عادية "طب ليه أنا ماكتبتش الورقة بنفسي؟!".. يحلل أخي "ده العقل الجمعي سيادتك.. بينا ع الخزنة قبل ما تقفل" ..وبعد كر وفر وانتظار لدقائق طويلة على دكة خشبية- حتما ستصيبك بالبروستاتا لو جلست عليها لنصف ساعة متصلة!- تحدث المعجزة وينطق أحدهم- في تأفف شديد دون سبب واضح- باسمي ..أمسك براءة الذمة قبل أن أصرخ في فرح وكأني شخص أخذ صك البراءة قبل تنفيذ حكم الإعدام بدقائق "هيييييه.. مافيش ولا مخالفة.. مش قلت لك أنا سواق محترف.." يذكرني أخي بالحادثتين اللتين وقعتا لي في أقل من شهرين فأردد "يووووووه ياباسم.. قلبك أسود دايما كده!".

***

عدنا إلى المرور ليقابلنا الأستاذ عزت.. والرجل بحق لايهمد لحظة واحدة، أمامه أكوام من الأوراق لا حصر لها، يوقع هنا ويكمل بيانات هناك ويرد على الموبايل ويقدم الملفات للضابط ويتكلم مع كل الناس في صبر لا أعرف من أين أتى به، كنت ساعتها أفكر في ذلك السؤال الصعب "الرجل يعمل بجد فعلا والأكيد أن راتبه لا يساوي نصف عرقه الذي يسيل كل يوم..فهل إذا أخذ من الناس نقودا إضافية يعتبرا مرتشيا في هذه الحالة أم لا؟!"، يتناول مني الأوراق وأنا أقول له مبتسما "فيه توكيل عند حضرتك باسمي"، وتكلفني هذه الجملة الخبيثة الانتظار لمدة ساعتين حتى يعود الشهر العقاري للعمل من جديد في الفترة المسائية حتى أبيع العربية لنفسي!- آه والله!- وهناك يطلب مني الموظف المختص الذهاب إلى الأستاذ "علاء" الجالس - بالقرب من باب الشهر العقاري- على كرسي خشبي برضه لكن من دون شمسية هذه المرة وهو الشخص الذي لم أعرف حتى الآن هل هو موظف حكومي أم مثله مثل "أم أحمد" فقط كان لديه هو متسعا من الوقت مكنه من ارتداء قميص وبنطلون!
وبعد أن انتهى الطابور الطويل العريض الذي حفل باستظراف مصري أصيل من نوعية ذلك الرجل الذي يقسم بأنه "جاي هنا من الصبح" رغم أنه لايزال يفرك عينيه من فرط نومه العميق الذي استيقظ منه للتو، يمسك الأستاذ "علاء" بأوارقي قبل أن يسألني "دفعت لي؟!"، أومأ برأسي أن لا في نفس اللحظة التي أمد فيها يدي إلى جيب القميص العلوي وأنا أردد "إيه ياخواتي ده.. طب مش لما يخلص الأول"، قبل أن يعطيني الأوراق ثانية وهو يقول لي في ضيق لأني اضعت عليه هذا الوقت الثمين "طب كويس كنت هأرجع لك فلوسك.. ما أنت معاك عقد بيع أهه.. هتبيع لنفسك ليه بقى.. اللي بعده"!

***

في طريقنا للعودة إلى شربين كنت أشعر وكأني مدافع كرة قدم فاشل أحرز في مرمى فريقه هدفا قاتلا جعله يهبط إلى دوري المظاليم!، أدافع عن نفسي أمام أخي وانا أقول له "طب وأنا أعرف منين يعني أن التوكيل غير عقد البيع!"، فلا يرد علي فأحاول أن أبدو متحمسا وأنا أقول له "صحيح اليوم راح والواحد جسمه اتشوى من الشمس بس كويس، بكرة الشغل كله هيبقى عندنا مش هنييجي المنصورة تاني.. تعال نشرب عصير قصب.. لا ياعم أنا اللي عازمك.. يووه.. مش معايا فكة.. بتحرجني دايما كده!"

***

في مرور شربين كان الأمور أكثر "بهججة" ووضوحا، الرشوة هناك كان ينقصها أن تخرج في إيصال مختوم بشعار الجمهورية!، فذلك الموظف ممصوص الجسد ضيق الخلق الذي يذكرك بالباشكاتب في قصص "عبد الحميد جودة السحار" والذي لايفعل شيئا سوى أن يوقع على أوراقك لا يطلب منك نقودا- نفسه عفيفة- وإنما يفعل ذلك ساعي المكتب الذي يقول لك متعجلا "هات خمسة جنيه.. إخلص!"، فتخلص ويتناول منك النقود في قرف شديد ويضعها في الدرج!، أما ذلك الموظف "الكٌبرة" الذي يجلس وخلفه عشرات الملفات الورقية فبعيناي هاتين –يارب تأكلهم دودة الإنكلستوما لو كنت بأكذب- فقد كانت رشوته من أحد المواطنين "قطعة حشيش" معتبرة اعطاه إياه في وضح النهار قبل أن ينظر إلى على طريقة "عدو ولا حبيب"، فأبتسم له طبعا وأقول له "صباح الفل!"، أما هذا الموظف ضخم الجثة الذي كان يتعجل إنهاء الأوراق حتى يلحق صلاة الظهر مع الضابط- آه وربنا!- فبعد أن أنهى عمله طلب مني "وش كده" 2 جنيه" ولما انتظرت منه إيصالا بالمبلغ – عبيط بقى- نظر ليه متسائلا وهو يقول "خير يا أستاذ مستنى حاجة؟!"، دعك من الكابتن "أمين شرطة هو لكن لابد وأن تقول له هكذا" الذي لايعطيك اللوحة المعدنية إلا إذا "ظرفته" بمبلغ محترم وأنت تقول له في سماجة "اتوصى بالرقم والنبي ياكابتن"، أما الأسخف وسط كل هؤلاء فهو ذلك الأخ "النطع" المسئول عن طفايات الحريق- أيوة كل عربية لابد وأن يلحق بها طفاية..أمن ونتانة!- الذي نظر إلى الطفاية الموجودة بالسيارة وقال في قرف شديد جعلني أبحث له عن كيس تحسبا لأن يفرغ ما في جوفه في أي وقت " ماتنفعش لازم تشتري واحدة جديدة"، فلما قال له أخي "مالهاش حل طيب"، رد في عجالة "هات عشرين جنيه".. ونفعت طبعا، ولكن لما تجرأ أخي وسأله عن سعر الطفاية الجديدة كشر عن أنيابه كذئب مفترس وهو يقول "مية جنيه.. بس أنا عارف أنه مش معاك فلوس تدفع ..عشان كده بامشي حالك!"، بعد هذه الجملة المستفزة كدت بالفعل أن أمسك الطفاية وأضربها في أم وأبي رأسه مضحيا بالعشرين جنيه ومستعدا لشراء طفاية جديدة إلا أن الله ألهمني الصبر في اللحظات الأخيرة.
وبعد هذا الفاصل اللذيذ الجميل كان علينا الانتظار حتى يمر الضابط على السيارات فاحصا متحمصا.. ثم ليوقع ليمنحنا صك الخلاص.. لكن صعب طبعا أن تحدث الأمور بمثل هذه البساطة.. أمال إيه!.

***

فجأة ونحن- بفعل الشمس الحارقة- في حال البطاطس الفارم فريتس وهي في القلاية حدث المشهد التالي.. سيارة بيجو قديمة مهكعة تأتي مسرعة إلى المكان قبل أن تندس وسط السيارات المتراصة، ثم يهبط منها في ارتباك واضح رجلا يرتدي جلبابا رماديا، بعدها بثوان تأتي سيارة ميكروباص قديمة ومهكعة أيضا يصرخ أحد ركابها "هو ده" فيفرمل السائق في قوة ويهبط الركاب منها ويجرون وراء سائق البيجو الذي فلسع أول ما رأهم، إلا أنهم يلحقون به وينزلون- بالمعني الحرف للكلمة- فيه ضربا لم يأخذه "تشاوشيسكو" ديكتاتور رومانيا الأسبق لما ثار عليه شعبه، قبل أن يجرونه جرا وقد سالت الدماء من رأسه إلى مقر وحدة المرور.. وتظهر الحقيقية تدريجيا.. "ده داس عيلة صغيرة في البلد اللي جنبنا".. "البت ماتت".."البت في المستشفى".. "إحنا نقتله هنا.. ولكم في القصاص عبرة يا أولوا الألباب!"، ووسط هذا الهرج والمرج ينتهي اليوم.. طبعا لازم نييجي بكرة!.

***

وفي تمام الساعة الثانية من ظهر اليوم الثالث أمسكت أخيرا بالرخصة في يدي شاعرا بنشوة وفرحة وانتصار لايقل عما مر به ذلك الشاب المصري الأصيل "عمر سمرة" عندما وصل إلى قمة إفريست! حتى أني من فرط حماسي كنت أنتوي أن أشتري علما ضخما لمصر حتى ألوح به ابتهاجا بالنصر العظيم لولا أن أخي نبهني إلى أن الرخصة سارية لمدة "ثلاثة أشهر فقط"!

***

في رأس البر كنت أحاول نسيان صدمة أني سأكرر ما فعلت ثانية بعد ثلاثة أشهر فقط، لكن الأقدار لم تسمح بذلك إلا قليلا.. فالتليفزيون "نيو 15 بوصة!" الذي أحضرته إلى المصيف لأول مرة سعيدا بأننا هييه هنقضيها فرجة لم يلتقط إرياله الصيني إرسال ولاقناة مكتفيا بـ"التشششش" المحببة إلى القلب، دعك من أن فيشة الكهرباء انخلعت لوحدها مهددة الرائح والغادي ، أما فيلم "كركر" الذي أمنيت نفسي بأنه سيجعلني أضحك وأكركر فأصابني بصدمة كبرى في "محمد سعد" وموهبته التي قتلها مع سبق الإصرار والترصد في فيلم أقل ما يوصف عنه أنه "بذئ وسخيف وممل"،فيما أصيبنا جميعا بفزع أهالي هيروشيما لما ألقيت عيلهم القنبلة النووية عندما فوجئنا بكوب من الشاي الساخن يسقط من أعلى ليتدشدش في دوي هائل ونحن جالسون في بلكونة "العشة"- يطلقون عليها هكذا في رأس البر- قبل أن يطل علينا جار لطيف وهو يقول "معلش ياجماعة الكوباية كانت ع السور والبنت بتحبي وقعتها".. طب إزاي بتحبي وطالت السور؟!، ثم كانت الفينالة عندما كنا نقضي ساعات الإجازة الأخيرة على البلاج ووجدنا سيارة الإسعاف تهرول لتستقبل أحدهم الذي خرج غريقا من البحر.. بعدها بدقائق خرج الغريق الثاني فالثالث.. ولم ننتظر حتى يزيد الرقم عن هذا.. "بينا نرجع ياجماعة.. ماله الشغل؟!".