من نفسي

بكسر النون

الاسم:
الموقع: الدقهلية- القاهرة, Egypt

الجمعة، يونيو 09، 2006

على الحافة

على الحافة
لست من الذين يحبون ألعاب الملاهي الخطرة، قلبي رهيف ولا مؤاخذة!- إلا أن هذا لا يمنعني من أن أجرب لعبة من
هذه الألعاب بين الفترة والآخرى- أخر مرة رحت فيها الملاهي أصلا كان من خمس سنين!- ، فالأمر في الأول وفي الآخر مجرد لعبة.. ولن أسقط من الصاروخ أو أنقلب من القطار السريع فوق رأسي.. هذا هو الاتفاق بيني وبين أصحاب الملاهي الذي بموجبه دفعت ثمن التذكرة.. طبعا الأمر لايسلم من مخاطرة ومن احتمال وارد بأني سأكون الضحية الأولى - الاستثناء- التي تؤكد قاعدة أن ألعاب الملاهي آمنة! لكن يبقى أن الاحتمال الأكبر وسط هذا هو أني سأعيش وأن لحظات الخطر ستزول.1
لذلك كنت مرعوبا -بجد وبحق وحقيق - هذه المرة عندما ركبت مساء الخميس الماضي السيارة البيجو متجها من القاهرة إلى مدينتي شربين، وسر الرعب يكمن في أنه لا اتفاق ضمني هذه المرة بأن مايحدث يدور في إطار اللعبة التي دفعت ثمنها مقدما، وأني سأعود إلى منزلي سالما هذه المرة.
لم أرى من قبل سائقا يقود سيارة بهذه الطريقة - بماذا أصفها- .. فلنقل الشيطانية.. المفزع في الأمر أني كنت أجلس بجوراه.. ورغم أني كنت أنام غالبا فور أن تتحرك السيارة على طريق الإسكندرية الزراعي ، إلا أني هذه المرة هرب مني النوم.. وهربت مني كل حاجة تانية تقريبا!
فالسائق - الذي اشهد لها بأنه محترف جدا- كان يميل يمينا ويسارا في حدة وعنف ليتجاوز كل السيارات التي تجاوره..يفعل هذا وهو يسير على سرعة تتجاوز المائة والعشرة كيلو مترا في ساعة.. يفرمل بعنف ثم يميل بالسيارة لليمين ليمر مابين سيارة نقل ضخمة تجر مقطورة وأتوبيس سياحي!- تخيل المنظر بس!- ، ثم أجده يقلب النور في عصبية ..ثم يتجاوز السيارة التي تسبقه بسرعة خارقة من الحارة اليمني في خرق واضح لكل قواعد المرور.. لأنه لو لم ينتبه قائد السيارة الأخرى إلى أننا قادمين من وراءه بهذه السرعة ثم اتجه ليمين الطريق كأي مواطن صالح ..لكان لهذا نتيجة واحدة هي ..كراااااااااش..طاخ طيخ بوووووم! كنت اتخيل هذا المشهد المفزع وأنا أرى السائق يركز بشدة ثم وقد أدرك أن مايفعله خطر جدا وجنوني جدا.. أجده يحرك يده اليمنى بشكل حر عصبي إلى أقصى اليمين وكأنه يجمع طاقة ما من مكان مجهول لتساعده على تجاوز هذا الموقف الذي ليس له سوى نتيجيتن فقط إما تجاوز السيارة التي أمامه أو الاصطدام بها.
كل هذا يجرى أمام عيوني التي تصلبت من الخوف.. كل هذا وأنا أضغط بشكل تلقائي بقدمي اليمنى على فرامل وهمية ليست موجودة طبعا علي اتجنب هذه الكارثة القادمة.. ونمر.. ويكرر هذا مرة واثنين وعشرة وعشرين- دون مبالغة-.. ولا أقدر أنا ولا أي واحد من الركاب الذي راح بعضهم في النوم أصلا أن يطلب منه أن يهدئ السرعة وأن يتقي الله فينا!1
كنت أرى أمامي مقدمة العربية وهي تكاد تصطدم بالتي أمامها فيمسك هو الفرامل بقوة ثم يتركها ثانية ويضغط البنزين في سرعة ..فأشعر أني أقف على حافة الموت وألمس الخطر والخوف بيدي..وتمر بداخلي كما يحدث في أفلام السينما أفكار حول الموت كيف سأشعر به، وكيف سيتقبل أقربائي وأصدقائي الخبر، شعور مفزع الصراحة لا اراه الله لكم..لم اتخلص منه - مؤقتا- ألا بعد أن وصلت مدينتي سالما وأنا غير مصدق لهذا.. حمدا لله
ليت الدنيا مثل الملاهي ..نجرب فيها الخوف ونلامس فيها الخطر ونقف فيها على حافة الموت.. ونحن ندرك أننا في نهاية اللعبة سنعود سالمين كما كنا