مكتوب على مصر

مكتوب على مصر

أذكر أن في إحدى المظاهرات التي شاركت فيها أيام الجامعة –وهي ليست مظاهرات كثيرة على العموم- أن الحماس أخذ بالمتظاهرين وخرجنا لأول مرة بالمظاهرة من الحرم الجامعي إلى شوراع المنصورة ، يومها تضامن معنا عدد كبيرا من الناس العاديين الموجودين في الشارع، كنا نهتف صارخين" اللي بيضرب في العراق بكره هيضرب في الوراق" وكنا نسكب البنزين على العلم الإسرائيلي والأمريكي ونشعل فيهما النار ، يومها بعد أن يأس رجال الأمن منا ومن إمكانية أن نتفرق بدأوا هم في تفريقنا بوسائلهم المعتادة التي اشعرتنا بأننا سببنا لهم إزعاجا وكان هذا يكفينا في هذا الوقت على الأقل.
وقتها كان بعض أصدقائي يسخرون مني ويتسألون "وإيه اللي هتعملوا المظاهرات، هتحرر العراق وفلسطين يعني؟!" و كنت أرد عليهم بأن المظاهرة ليست سوى "موقف" ،وسيلة للتعبر عن رأيي ربما لن تغير حالا الأن ولكنها ربما تغير بتراكمها وتدفقها وتدافعها فيما بعد ، ولعل هذا ما حدث فعلا في لبنان وفي أوكرانيا..ومن الممكن أن يحدث في مصر أيضا .
نعم من الممكن أن يحدث هذا في مصر فعلا فبعد أن راحت أيام الجامعة كنت وقتها أتساءل كيف سأشارك في مظاهرة مرة أخرى ، والمظاهرات ممنوعة في الشوراع في أي مكان في مصر ، وكنت أتساءل أيضا هل يمكن أن يجيء اليوم الذي أخرج فيه في مظاهرة في الشارع من أجل شأن مصري وليس من أجل شأن عراقي أو فلسطيني مع كامل احترامي لمعاناة البلدين؟
الغريب أن ماكنت أتخيله أمر غير قابل للتحقيق بات أمرا واقعا ، ولم يعد يمر أسبوع في مصر إلا ونجد مظاهرة قد خرجت تطالب بالإصلاح والتغيير، وهكذا لم يعد الرأي فردي بل بات يأخذ الشكل الجماعي بات الصوت المنفرد أصواتا مجتمعة ، ومن يدري ربما يكون هذا اليوم الذي تحدث فيه المظاهرات تغييرا في مصربكرة ولا حتى بعده..ولايمكن حتى بعد سنة...المهم أنه يوم ..ومكتوب على مصر.