أباجورة
أباجورة
كان الجو شديد البرودة ومجموعة صغيرة من البشر تنتظر المترو الأخير..اقترب مني ثم نظر على مرمى بصره فلمح نور المترو قادم من المحطة التالية فقال لي "هو في المعادي..صح؟!"..أجبت أن نعم..ضحك وقال" طيب ماتيجي نروح له إحنا بدل ماهو يجي لنا!"ضحكتك..وقبل أن أتكلم قال وهو يشير إليها"شايف الأباجورة دي" التفت لأجد فتاة باهرة الحسن والجمال تتجاذب أطراف الحديث مع خطيبها- هل كان كذلك فعلا؟!- ثم أكمل "أباجورة أباجورة..يخرب بيت جمالك"..وافقته في رأيه وأنا معجب بهذا الوصف المبتكر لبنت جميلة .."أباجورة"..- فيما يبدو التشبيه له علاقة بالنور الذي يشع منها-..جاء المترو قفزنا أنا وهو ومعه كيس ضخم به ملابس ..جلس في المقعد المقابل لي..ثم قام من مكانه وجلس بجوراي وهو يقول" متخافش أنا مش جاي أقعد جنبك ..أنا جاي أقرأ الجرنان اللي مع الأستاذ"..وفي أريحية مال برقبته على الشخص الجالس بجوراه وطفق يتابع معه الجريدة في هدوء دون أن يظهر من الأخير أي تصرف ينم عن استياء أو ضيق ، وكأن كل منهما معتاد على هذا الأمر تماما..سألني فجأة"أمال الأباجورة فين؟ الظاهر ركبت عربية تانية..أهه حظ..تعرف أنا مديرتي في الشغل حاجة تخوف..نفسي أسالها مرة مين اللي رضى يتجوزها"..ضحكتك..ثم وقد لمح خبر في الجريدة عن الزمالك ضحك في سخرية وهو يقول" خسر النهاردة تلاتة..فضيحة..لكن الأهلي فاز أتنين..طبعا-إحنا- مايشين كويس جدا"..أمنت على كلامه دون أن أجازف وأقول له بأني أشجع الزمالك ، بل وصل بي الحماس مبلغه وأنا أقول له"هو فيه حد يقدر يقف قصاد الأهلي؟!"..وأنا أتطلع إليه خمنت أنه في أواخر العشرينات وقبل أن أظن أنه نسى أنه جالس بجوراي سألني فجأة "هو الأستاذ بيشتغل إيه؟"..قلت له مرتبكا "يعني..صحفي كده على صغير"..رد في سرعة "ياسيدي ربنا يكرمك وتبقى صحفي كبير زي إبراهيم نافع" كدت أن اقول له "والنبي شوف لنا دعوة تانية" ..ثم أثرت الصمت..هم بالحديث ثانية لولا أن لمح الفتاة وقد نزلت في إحدى المحطات..فهتف قائلا" أهي الأباجورة نزلت ياعم..حظ بقى ..أنا نازل المحطة الجاية"..ابتسم لي..ثم وقف على باب عربة المترو ..ونزل سريعا عندما جاءت محطته..غاب عن نظري..وأنا أفكر في تلقائيته الغريبة..وفي الأباجورة التي جمعت بيننا.. د